عرض المقال
كيف تصنع انتحارياً فى 80 عاماً؟
2013-10-11 الجمعه
أطلق الإخوان، بإشارة من عصام العريان، على جمعة الأمس «جمعة الانتحار»، وبالطبع هذا النداء الانتحارى غير موجَّه للقيادات الإخوانية التى غالباً ما تختبئ فى مدينة نصر أو تختفى بعد التحريض على التظاهر ووضع الغلابة فى مقدمة الصفوف وقوداً لنار الموت، والسؤال الأهم من مبررات قادة الإخوان لإطلاق هذا النداء وإخراج هذا المسمى من جعبة المسميات التى لا تنتهى والتى يطلقونها كل جمعة بمهارة يحسدون عليها وثراء لغوى يستحقون عليه جائزة مجمع اللغة العربية من جمعة الزحف إلى جمعة التمكين... إلخ، السؤال الأهم: كيف تمت صناعة هذا الانتحارى الذى يقبل تفخيخ نفسه أو ربط خصره بديناميت أو حزام ناسف أو ركوب سيارة مكدسة بالقنابل والدخول بها فى مديرية أمن فى جنوب سيناء لمجرد هروب وطرد السياح وقتل السياحة، أما هو فيتفحم وتصير أشلاؤه مجرد دخان له رائحة شواء آدمى؟! كيف يصنع هذا الانتحارى الذى يتمزق وتتطاير أطرافه المبتورة المحترقة المنصهرة وهو يبتسم متأكداً من أنه على أبواب الفردوس؟! البداية هى صناعة عدو وخلق خصم؛ فالإخوان لا يعيشون إلا من خلال خلق عدو ولا يقتاتون إلا من مائدة الخصم، أسطوانة الأوكسجين التى تنقذهم من الموت فى غرفة العناية المركزة هى صناعة عدو وهمى وخصم أسطورى.. من خلال عقيدة الولاء والبراء وتفاسيرها الوهابية تبدأ تفاصيل القصة، اليهودى والمسيحى عدو، وبالطبع الديانات الأخرى عدو تكعيب، ثم يأتى سيد قطب ليمد الخط إلى نهايته بتكفير الآخر وشيطنته فيصبح كل ما عداى وكل ما هو خارج مجموعتى وجماعتى وجيتوهاتى الإيمانية كافرا آثما وشيطانا رجيما، يتم اختيار الأرضية النفسية للانتحارى المنقوشة بفسيفساء وموزاييك الكبت الجنسى والحقد الطبقى والخلل العاطفى والغباء الاجتماعى والتفكير الأحادى والتطرف النفسى والتعصب الدينى والضلال العقائدى، من هذه الأرضية ومن تلك المنصة ينطلق صاروخ الانتحارى، الوقود الدافع لرأس هذا الصاروخ هو منبر جامع يغسل دماغه ومدرسة تزيف وعيه وأسرة تجعل منه مشروعاً لانتحارى المستقبل ولقمة سائغة لأمير ينومه مغناطيسياً ويقنعه بأن الجهاد هو بساط الريح الذى سينقله فى لمح البصر إلى الحور العين الذى كبت شهوته على الأرض انتظاراً للقائهن فى السماء، والانتحار تفجيراً هو الذى سيبسط مائدة عامرة بما لذ وطاب من أنهار الخير مما حرم منه حين كان يكمل عشاءه نوماً! ليست قاعدة أن يكون الانتحارى المفجر نفسه المؤذى للآخرين القاتل للمستهدفين والمختلف عن الذى ينتحر كفرد فى هدوء وسلام دون إزعاج للآخرين، ليست قاعدة أن يكون انتحاره وتفجير نفسه من أجل دين ولكن من المكن أن تكون فكرة مثل كاميكاز اليابان أو قوميى العرب... إلخ، لكن كل هذا يتم حين تتحول الفكرة إلى دين والاعتقاد ووجهة النظر إلى عقيدة صماء حجرية لا تعرف الحلول الوسط.